يبدو أن مصر عليها دائمًا الانتظار لأربعة أعوام من أجل محاولة الوصول إلى مونديال كرة القدم ، بعد أن فقدت مجددًا حلمها في اللعب بكأس العالم في البرازيل العام المقبل. وسيبحث «الفراعنة» عن جيل جديد من أجل حلم جديد بات بعيد المنال، بعد إخفاقات عديدة مضت لم تنجح خلالها مصر في منازلة الكبار في كأس العالم سوى مرتين فقط «1934 و1990»، وما بين الرحيل إلى إيطاليا في المرتين وكل المحاولات الفاشلة السابقة ، فقدت أجيال مصرية كاملة فرصة اللعب في المونديال، وخسر الفراعنة أساطير عظيمة استحقت شرف التأهل إلى العرس العالمي، لكن كان الفشل لها دومًا بالمرصاد عبر تاريخ طويل من الفشل والحزن .
الحقبة الحالية أفرزت لمصر جيلًا كرويًا مميزًا للغاية ، بقيادة محمد أبوتريكة، ولكنه لم يتمكن من تحقيق حلمه الشخصي وحلم مصر كلها باللعب في مونديال البرازيل 2014، وقبله محاولات أخرى.«أبوتريكة» شارك في محاولة الوصول إلى مونديال ألمانيا 2006، بعدما بدأ مبارياته الدولية بشكل ثابت في عام 2004، وتخلى أبوتريكة ورفاقه عن بطاقة التأهل وقتها لصالح منتخب كوت ديفوار .
وحاول «تريكة» مجددًا في تصفيات مونديال 2010، والتي أقيمت للمرة الأولى في التاريخ داخل القارة السمراء، ورغم الوصول إلى مباراة فاصلة أمام الجزائر في نهاية عام 2009، وبعد أن بات الحلم على بعد خطوة واحدة، فشل نجم الأهلي المخضرم وزملاؤه في تخطي عقبة محاربي الصحراء، لتتأهل الجزائر إلى كأس العالم. وخسر«تريكة» فرصته الأخيرة فى اللعب بمونديال البرازيل بعد هزيمة قاسية من غانا « 1/6» في كوماسي وفوز غير مؤثر في لقاء العودة «2/1»، وسيعتزل اللاعب دون التواجد في المحفل العالمي رغم محاولاته عبر 10 أعوام متواصلة بلا فائدة.
ولا يمكن الحديث عن عقدة المونديال مع «أساطير اللعبة» فى مصر دون ذكر اسم محمود الخطيب، نجم الأهلي ومصر، عبر التاريخ ، أحد أبرز مواهبها عبر الأجيال. وفشل «بيبو» رغم مهارته الفائقة التى نادرًا ما تتكرر، في قيادة منتخب مصر نحو التأهل إلى العرس العالمي وعبر محاولات امتدت لما يقرب من 12 سنة. وتألق «بيبو» بشدة في تصفيات مونديال الأرجنتين 1978، وكاد يدفع بمصر نحو الظهور به، مسجلا 6 أهداف خلالها، منها هدفه الإعجازي في مرمى تونس عام «77» في اللقاء الشهير الذي انتهى بفوز الفراعنة «3/2 »، إلا أن الخسارة في تونس «1/4» أبعدت مصرعن المونديال ومنحت تونس البطاقة الغالية .
وكان الفشل العجيب في تصفيات مونديال 1982، بعد انسحاب غانا وليبيا، وبقي على منتخب مصر تخطي عقبة المغرب إلا أن رفاق «بيبو» خسروا بهدف نظيف في مدينة كازابلانكا، ولم يتمكنوا من هز الشباك المغربية بأي هدف في لقاء العودة الذي انتهى بالتعادل السلبي، وتوقفت المحاولة المصرية عند هذا الحد.وقبل اعتزاله ، كان «الخطيب» يمني نفسه بخطف تذكرة التأهل إلى المكسيك 1986، إلا أن المغرب للمرة الثانية على التوالي كانت العقبة الأخيرة أمام الفريق بعد تصفيات سهلة للغاية وتعادل منتخب مصر مع نظيره المغربي كالعادة سلبيا في القاهرة، قبل أن يخسر بهدفين نظيفين في لقاء العودة وتخطف المغرب بطاقة التأهل.
وشارك «الخطيب» في 62 مباراة دولية «رسمية وغير رسمية» أحرز خلالها 28 هدفًا، ولم يتمكن اللاعب المصري الوحيد الحاصل على جائزة «فرانس فوتبول» الخاصة بأفضل لاعب في أفريقيا عام 1983 من التأهل إلى أي بطولة مونديالية رغم مشاركته في 13 مباراة عبر 3 تصفيات.
وللاعب حسن شحاتة قصة أخرى، فوقت بزوغ نجمه كلاعب كانت الرياضة المصرية كلها تمر بظروف عصيبة للغاية بسبب توقف الرياضة بين عامي1967 و 1973، وحرمت مصر من جيل كروي رائع كان نجمه هو «شحاتة»، ولم يتمكن بعدها من مساعدة الفراعنة في تخطى عقبة تونس في تصفيات 1974 رغم الفوز أولا بهدفين مقابل هدف في لقاء الذهاب، وخسر الفراعنة في لقاء العودة بهدفين نظيفين عام 1972 .
وتكرر الأمر في تصفيات عام 1978، قبل اعتزاله عام 1980، ورغم حصوله على لقب ثالث أفضل لاعب أفريقى طبقا لجائزة فرانس فوتبول عام 1974 ولقب أفضل لاعب في كأس أمم أفريقيا لنفس العام، وقبلهما لقب أفضل لاعب فى آسيا عام 1970، وتجاوز أهدافه المحلية والقارية الـ 100 هدف، إلا أن الأسطورة «شحاتة» كلاعب لم يتغلب على عقدة المونديال . وأراد الله أن يمنحه فرصة أكبر كمدرب، أثناء قيادته الفترة الذهبية للفراعنة ما بين عامي «2006 و2010»، فقد تسلم قيادة منتخب مصر في نهاية تصفيات مونديال ألمانيا 2006، لكن كان وضع الفراعنة صعبًا للغاية بسبب الإيطالي «تارديللي» وقوة المنتخب الإيفوارى وقتها.
وفاز «شحاتة» بكأس الأمم الأفريقية لنفس العام، ليبدأ حلمه المشروع في التأهل إلى نهائيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا، مرورا بفوزه بكأس الأمم مجددًا 2008 خارج الديار، إلا أنه في المرحلة الأخيرة من التصفيات المونديالية، بدأ بداية مخيبة للآمال، قبل استعادة الأمل والفرصة، ليصطدم بالجزائر فى الموقعة الفاصلة بالسودان، ويفشل في تجاوز تلك العقبة. عصام الحضري يعتبر أفضل حارس مرمى في تاريخ مصر بالألقاب والبطولات وأفضل حارس أفريقى لسنوات متتالية بعيدًا تمامًا عن المشاركة في أي مونديال، وهو ما تكرر مع أحمد حسن، أحد أفضل محترفي الفراعنة خارج مصر وأكثر لاعبيها مشاركة في المباريات الدولية ألقابًا وبطولات، وكلاهما زامل «أبوتريكة» في رحلة البحث عن أي مشاركة في كؤوس العالم، لكنهما حاولا عبر 17 عامًا، منذ عام 1996 تقريبًا، وربما يكونان الأكثر محاولة والأكثر تعرضا للفشل والإحباط، فبدأ كلاهما المحاولة في تصفيات كأس العالم 1998، حيث استهل الصقر المصري وعميد لاعبي العالم «184 مباراة دولية ، سجل خلالها 33 هدفًا» مشاركاته الدولية عام 1995.
و«الحضري» صاحب الـ139 مباراة دولية بدأها عام 1996، ولم يفلحا فى إنقاذ فرصة الفراعنة أمام تونس التي خطفت البطاقة كالعادة ولم يحدث معهما جديد في تصفيات« 2006،2010 و2014 ».
ثم كان عليهما السعى مجددًا في تصفيات 2002، ورغم البداية المقبولة للفريق، إلا أن الأمور صارت متقلبة، تارة نقترب وتارة نبتعد، ولم ينجح الثنائي المخضرم الكبير في الحفاظ على فرصة الفراعنة وقتها، وتخلى المنتخب المصري عن البطاقة لصالح السنغال، وقارب الثنائي على اعتزال اللعب تمامًا بلا أي ظهور في أي بطولة لكأس العالم. هذا ما تكرر مع أسطورة الزمالك حازم إمام وثعلبه الصغير، الذي كان أحد أبرز محترفيه في إيطاليا، وأحد أفضل مواهب الكرة المصرية في الحقبة السابقة، والذي بدأ مسيرته الدولية بالتزامن تقريبًا مع الثنائي «حسن» و«الحضري»، ولم تنجح محاولاته في اللعب بالمونديال عبر تصفيات 1998 و2002، وشارك على استحياء في تصفيات 2006.
ولعب حازم إمام 87 مباراة دولية سجل خلالها 16 هدفا، وخلال 10 سنوات مع مصر لم ينجح اللاعب في مساعدة منتخب مصر في الوصول، رغم تألقه بشدة في قنص لقب كأس الأمم عام 1998 بعد غياب طويل عن الساحة الأفريقية .
يبقى أن نذكر أسماء أخرى كبيرة جدا في عالم كرة القدم المصرية، مثل الهداف القدير والأسطوري للكرة المصرية حسن الشاذلي نجم الترسانة السابق، الذي انفرد بصدارة الهدافين في الدورى المحلي المصري برصيد 173 هدفًا، كما أنه الهداف التاريخي لمصر في بطولات كأس الأمم الأفريقية 13 هدفًا، وهداف كأس الأمم الأفريقية عام 1963 بغانا، وحرم الشاذلى من محاولة الوصول إلى كأس العالم بسبب انسحاب مصر عدة مرات من التصفيات لأسباب سياسية وبسبب الحروب، ما بين مونديال 1962و66 و70 و74 .
وخلال نفس الفترة تقريبًا، تكررت نفس الظروف لتحرم الأسطورة وصاحب الرأس الذهبي على أبوجريشة، نجم الإسماعيلي، من اللعب ولو لمرة فى المونديال ما بين 1966 و1978، رغم أنه قاد الإسماعيلي لأول بطولات مصر الأفريقية على مستوى الأندية عام 1969وكان هداف البطولة برصيد 8 أهداف، كما حصل على لقب هداف كأس الأمم 1974. وبالتأكيد فإن هناك أسماء أخرى وأجيالا مميزة، لم تنجح أبدا فى اقتناص بطاقة التأهل إلى أي مونديال لصالح الفراعنة، في عقدة واضحة حرمت المصريين من التواجد ولو لمرة واحدة في كأس العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق